الاثنين، 13 مايو 2013


العاهل الاردني غاضب من الانتهاكات الاسرائيليه للاماكن المقدسه






قالها الملك عبدالله الثاني ذات يوم بصراحة دون أي استخدام لأي لغة دبلوماسية، وتحديداً قبل 7 أشهر تحديداً، "كملك هاشمي لن أسمح أبداً بمسّ المسجد الأقصى"..

تؤكد مصادرنا في القصر الملكي، أنها من المرات النادرة، أو ربما هي المرة الأولى التي شوهد فيها الملك وهو بهذه الحالة من الغضب، استخدم كل لغات التهديد والوعيد، كل مَن حوله لم يقدر على تهدئة روعه، لا بل الخشية تملكت الجميع بأن تذهب حالة الغضب به إلى أن يتخذ قرارات من شأنها أن تقلب الطاولة على رأس الجميع في المنطقة بشكل خاص وفي العالم بشكل عام.

تكشف المصادر القريبة جداً من الملك، أنه وعلى الرغم من شخصيته العسكرية الصارمة، إلا أنه عادة ما يكون أقرب إلى وزن الأمور بعقلية الرحل الدبلوماسي، خاصة في الأمور السياسية، التي تتطلب مرونة في التعاطي مع أي حدث، ولكن هذه المرة، تأكد لكل المحيطين به أنه يفكر بمنطق القائد العسكري الذي لا يأبه بالدبلوماسية ولا بمنطقها، بل بقرارات حاسمة جازمة، وأوامر فورية تستوجب التنفيذ دون أي مناقشة.

ما أن تناهى إلى مسامع الملك ما قامت به "إسرائيل" من اعتداءات على المسجد الأقصى والمقدسات في مدينة القدس، حتى أوقف كل ارتباطاته الرسمية والشخصية، وأمر فوراً بالغاء كل المواعيد التي تزخر بها أجندته، وعلى الفور طلب أن يتم تزويده بكافة التقارير حول هذه الحادثة، سواء تلك التقارير التي تعدها السفارة الأردنية في فلسطين، أو في "إسرائيل"، كما طلب بأن يتم تزويده بكافة المعلومات المتوفرة لدى جهازي المخابرات العامة، والاستخبارات العسكرية.

كانت الأوامر تصدر تباعاً دون مناقشة من أي مستشار أو مسؤول في الديوان الملكي، "الكل يكون في حالة تأهب واستعداد" هكذا كان الأمر الملكي الصارم والواضح... "لن أتردد في حماية الأقصى حتى لو استدعى الأمر لتحريك الجيش من ثكناته وخوض الحرب”.

خلية إدارة الأزمات الطارئة، كانت في اجتماع، وعلى أعلى مستويات القيادات العسكرية والأمنية، وكبار مستشاري الملك، وكان الجميع في حالة ترقب واضطراب.. والبعض منهم عاد بذاكرته إلى حادثة محاولة اغتيال خالد مشعل التي قام بها الموساد الإسرائيلي على الأراضي الأردنية. إذ هدد يومها المرحوم الملك الحسين، بإلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل، إذ قال يومها "إرسال إسرائيل الترياق وإنقاذ حياة مشعل بكفة واتفاقية السلام بكفة أخرى".

هي الحالة ذاتها من الغضب التي تملكت الملك عبدالله الثاني.. "كل شيء بكفة ووقف الاعتداءات على مدينة القدس والمسجد الأقصى بكفة أخرى".. "كل الخيارات مفتوحة لاتخاذ قرارات بشأنها".. "قطع العلاقات الدبلوماسية وإلغاء اتفاقية السلام وارد".

إن السماح للمستوطنين باختراق الأقصى واعتقال مفتي القدس، الشيخ محمد حسين، ما هو إلا اعتداء على السيادة الأردنية وضرب شرعية حماية المقدسات المناط بالأردن كدولة ومسّ مباشر بآل هاشم كعائلة مالكة، حافظت على رعاية هذه المقدسات جيلاً اثر جيل.. هنا كان القول الملكي الحسم والفصل: "حتى خوض الحرب وارد"..

خارج القصر كان الغضب النيابي قد بلغ أوجه، ووصل إلى مطالبة جماعية بطرد السفير الإسرائيلي من عَمان، وإن كان البعض رغب أو حلل أن ما حدث في البرلمان هو صدى لغضب "القصر" إلا أن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن إلى التحرك النيابي كان دون أي ترتيب، أما حول ما قيل عن تدخل الوزير محمد القضاة، وبإيعاز من مدير المخابرات، للتواصل مع رئيس مجلس النواب المهندس سعد السرور، وإبلاغه بأن "يتحرك المجلس الشعب في اتجاهات التصعيد ضد إسرائيل".. تقول معلوماتنا أن الأمر جرى تضخيمه وكان مقصوداً تسريبه بهذه الطريقة لغايات يبطنها ممن يشنون حملة ضد القضاة منذ أسابيع.

اليوم الأحد سيكون أعضاء مجلس النواب على موعد للقاء الملك الذي يطلعهم بصورة كافة التفاصيل، وسيضعهم بصورة التطورات الأخيرة بشأن موضوع القدس والأزمة السورية وتداعياتها على الساحة الأردنية. هذا بالاضافة الى حسم موضوع توزير النواب وهو أمر "مرفوض" لدى القصر.

الحكومة من جانبها، أوعزت لوزارة الخارجية، التي كان على رأسها الوزير حسين المجالي بالإنابة، باستدعاء السفير الإسرائيلي.. "القدس والمسجد الأقصى خط أحمر بالنسبة للأردن". هكذا كانت رسالة المجالي للسفير، مختصرة وواضحة المضامين والدلالات.


خارج حدود الأردن، كان وزير الخارجية ناصر جودة يلتقي بالوزيرة الإسرائيلية "تسيفي ليفني" في إيطاليا، وكانت الرسالة بذات المضمون.

في هذه الأثناء انتفضت الصحافة الإسرائيلية ضد الأردن وربطت موقف البرلمان بقرار ملكي.. "إن الملك عبد الله الثاني يقف شخصيا وراء قرار مجلس النواب بطرد السفير الإسرائيلي في عمان وسحب السفير الأردني من إسرائيل"... "إنه بدون تأييد الملك فإن قرار البرلمان بطرد السفير الإسرائيلي كان لن يتم الموافقة عليه بالإجماع"... "إن القرارات التي يتم اتخاذها بالإجماع يجب أن تحصل (من خلف الكواليس) على تأييد حاسم من الملك عبدالله الثاني، التي بدونها لا يحظى أي قرار على ذلك الإجماع".

الإدارة الإسرائيلية وصلتها رسالة الأردن، وفهمت أنه لا مناص من تدارك الوضع قبل أن يتفاقم، وكان الرئيس الإسرائيلي "شيمون بيريس" في هذه الأثناء يدخل على الخط، محاولاً تهدئة الوضع " إن السلام مع الأردن عزيز علينا".. في إشارة فُهم منها أنها رد على ما أكد عليه الملك عبدالله الثاني بأن إلغاء اتفاقية السلام وارد.

البيت الأبيض، بواشنطن، تلقى اتصالات من قيادات إسرائيلية، تطالبه بالتدخل لتخفيف حدة غضب الملك عبدالله الثاني، وهنا تُكرر مصادرنا في القصر، فإن ما حدث نهاية الأسبوع الماضي، هو مشابه تماماً لما حدث إبان الملك حسين - رحمه الله – في قضية خالد مشعل، حيث تدخلت كل الأطراف الدولية. وهكذا هو الحال هذه الأيام، إذ لم يبق طرف دولي مؤثر وإلا وأجرى اتصالات مع القصر الملكي للتخفيف من حدة الأزمة، وللوقوف على طلبات الملك وتنفيذها.

طلبات "القصر" كانت واضحة ومحددة ولا تفاوض فيها، وقف كل الاعتداءات والإفراج فوراً دون قيد أو شرط عن مفتي القدس الشيخ محمد حسين، والتأكيد على أن "النص على الولاية الدينية في القدس للأردن ليس فقط بموجب قانون اتفاقية وادي عربه الأردني ولكن أيضا بموجب مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون نفس الاتفاقية بمعنى أن القانون الإسرائيلي يفوض الأردن بالولاية الدينية".

أما ما لا يتم التصريح عنه، وبقي أدراج "الكتمان"، وهو ما كشفته لنا مصادر مطلعة منذ فترة، وكنّا قد تريثنا بنشره لغايات أن مصلحة الدولة العليا تتطلب عدم الكشف عن كل الأوراق، ولا بد من الحفاظ على "شعرة معاوية" مع كل الأطراف، إلا أن ما يحدث يستدعي الكشف وعلى الملأ، أن هناك محاولات حثيثة تقوم بها دولة قطر ومنذ أشهر لمنافسة الأردن في رعاية المقدسات الدينية في القدس، وحسب المعلومات، فإن الهدف ليس رعاية تلك المقدسات، بقدر ما هو مخطط جهنمي تنفذه قطر وحلفائها من جماعة الإخوان المسلمين مدعومين بالأتراك وبالتفاهم مع إسرائيل للهيمنة على تلك المقدسات تمهيداً لوضع اليد على كافة الأمور في الضفة الغربية.

أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربية في العاصمة القطرية "الدوحة" مؤخراً، اقترح أمير قطر إنشاء صندوق لدعم القدس برأسمال مقداره مليار دولار تساهم فيه بلاده بنسبة 25% من المبلغ، على أن يقوم البنك الإسلامي للتنمية بإدارة هذا الصندوق.. منذ ذلك الحين والأردن يرصد كافة التحركات القطرية، لنقف على معلومات مؤكدة مفادها أن هذا الاقتراح يتزامن مع إجراء دراسات قطرية-إسرائيلية مشتركة لمد أنابيب لضخ الغاز إلى دولة الاحتلال عبر ميناء ايلات.

وتأكد اليقين لدينا أن مخطط قطر وبالتفاهم مع إسرائيل للهيمنة على المقدسات بات قيد التنفيذ، وما أن تم توقيع اتفاقية " الوصاية والرعاية الملكية للاماكن الدينية المقدسة في القدس" وأن الرعاية تشمل الأوقاف الإسلامية والأماكن والمقدسات الدينية بشقيها الإسلامي والمسيحي، بما فيها بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس التي تخضع للقانون الأردني منذ العام 1958.. ورغم أن توقيع الاتفاقية هو تكريس لما هو قائم منذ عهد المرحوم الملك الحسين، وما هو قائم منذ عقود، إلا أن قطر فهمت هذه الاتفاقية بأنها رداً لمحاولة "مد أصبعها" في ملف القدس، بما يمثله هذا الملف من أهمية تاريخية لدى العائلة الهاشمية.

نختم بالإشارة إلى أن قطر، لم ولن تتوقف عن محاولاتها بإزعاج الأردن، وأخطر ما تقوم به ومنذ أشهر بهدف ضرب أحد ركائز الاقتصاد الأردني هو السعي الحثيث و"الخبيث" لشراء حصة "آل الحريري" في البنك العربي والسيطرة على هذا المرفق الحيوي تمهيداً لنقل إدارته إلى الدوحة،، وفي هذا الشأن تفاصيل مثيرة سنكشفها في أوانها المناسب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق